( وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ) تُعْرَفُ بِخُطْبَةِ الْأَشْباحِ، وَ هِىَ مِن جَلائِلِ خُطَبِهِ، وَ كانَ سائِلٌ سَأَلَهُ أَنْ يَصِفَ اللَّهَ لَهُ حَتّى كَأَنَّهُ يَراهُ عِياناً فَغَضِبَ لِذلِكَ. رَوى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ عَنِ الصادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِما السَّلامُ أَنَّهُ قالَ: خَطَبَ أَميرُالْمُؤمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِهذِهِ الْخُطْبَةِ عَلى مِنبَرِ الْكُوفَةِ وَ ذلِكَ أَنَّ رَجُلًا أَتاهُ فَقالَ لَهُ: يا أَميرَالْمُؤْمِنِينَ، صِفْ لَنا رَبَّنا لِنَزْدادَ لَهُ حُبّاً وَ بِهِ مَعْرِفَةً، فَغَضِبَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَ نادَى الصَّلوةَ جامِعَةً، فَاجْتَمَعَ النّاسُ حَتّى غَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، فَحَمِدَ اللَّهَ سُبْحانَهُ وَ صَلّى عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ ثُمَّ قالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لا يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَ الْجُمُودُ وَ لا يُكْدِيهِ الْإِعْطاءُ وَ الْجُودُ، إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُّنتَقَصٌ سِواهُ، وَ كُلُّ مانِعِ مَذْمُومٌ ما خَلاهُ، و هُوَ الْمَنَّانُ بِفَوائِدِ النِّعَمِ، وَ عَوائِدِ الْمَزِيدِ وَ الْقِسَمِ، عِيالُهُ الْخَلائِقُ، ضَمِنَ أَرْزاقَهُمْ، وَ قَدَّرَ أَقْواتَهُمْ، وَ نَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ، وَ الطَّالِبِينَ ما لَدَيْهِ، وَ لَيْسَ بِما سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِما لَمْ يُسْئَلْ. الْأَوَّلُ الَّذِى لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَىْءٌ قَبْلَهُ، وَ الاخِرُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَىْءٌ بَعْدَهُ، وَ الرَّادِعُ أَناسِىّ الْأَبْصارِ عَنْ أَنْ تَنالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ، مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الْحالُ، وَ لا كانَ فِى مَكانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الْاِنتِقالُ، وَ لَوْ وَهَبَ ما تَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعادِنُ الْجِبالِ، وَ ضَحِكَتْ عَنهُ أَصْدافُ البِحارِ: مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ وَ الْعِقْيانِ، وَ نُثارَةِ الدُّرِّ وَ حَصِيدِ الْمَرْجانِ. ما أَثَّرَ ذلِكَ فِى جُودِهِ، وَ لا أَنْفَدَ سَعَةَ ما عِندَهُ، وَ لَكانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخائِرِ الْإِنْعامِ ما لا تُنْفِدُهُ مَطالِبُ الْأَنامِ، لِأَنَّهُ الْجَوادُ الَّذِى لا يَغِيضُهُ سُؤالُ السّائِلِينَ، وَ لا يُبْخِلُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحِّينَ.
فَانظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ فَما دَلَّكَ الْقُرانُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمّ بِهِ، وَ اسْتَضِىءْ بِنُورِ هِدايَتِهِ، وَ ما كَلَّفَكَ الشَّيْطانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِى الْكِتابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ، وَ لا فِى سُنَّةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ أَئِمَّةِ الهُدى أَثَرُهُ فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحانَهُ، فَإِنَّ ذلِكَ مُنتَهى حَقِّ اللَّهِ عَلَيْكَ. وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِى الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْناهُمْ عَنِ اقْتِحامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ، الْإِقْرارُ بِجُمْلَةِ ما جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللَّهُ اعْتِرافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَناوُلِ ما لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً، وَ سَمّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيما لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً فَاقْتَصِرْ عَلى ذلِكَ، وَ لا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحانَهُ عَلى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهالِكينَ.
هُوَ الْقادِرُ الَّذِى إِذَا ارْتَمَتِ الْأَوْهامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ، وَ حاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَراتِ الْوَساوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِى عَمِيقاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ، وَ تَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ لِتَجْرِىَ فِى كَيْفِيَّةِ صِفاتِهِ، وَ غَمَضَتْ مَداخِلُ الْعُقُولِ فِى حَيْثُ لا تَبْلُغُهُ الصِّفاتُ لِتَنالَ عِلْمَ ذاتِهِ، رَدَعَها وَ هِىَ تَجُوبُ مَهاوِىَ سُدَفِ الْغُيُوبِ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ سُبْحانَهُ. فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَةً بِأَنَّهُ لا يُنالُ بِجَوْرِ الْاِعْتِسافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ، وَ لا تَخْطُرُ بِبالِ أُولِى الرَّوِيَّاتِ خاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلالِ عِزَّتِهِ، الَّذِى ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلى غَيْرِ مِثالٍ امْتَثَلَهُ، وَ لا مِقْدارٍ احْتَذى عَلَيْهِ مِنْ خالِقٍ مَعْبُودٍ كانَ قَبْلَهُ، وَ أَرانا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَ عَجائِبِ ما نَطَقَتْ بِهِ اثارُ حِكْمَتِهِ، وَ اعْتِرافِ الْحاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلى أَنْ يُقِيمَها بِمِساكِ قُوَّتِهِ. ما دَلَّنا بِاضْطِرارِ قِيامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلى مَعْرِفَتِهِ، وَ ظَهَرَتْ فِى الْبَدائِعِ الَّتى أَحْدَثَها اثارُ صَنْعَتِهِ وَ أَعْلامُ حِكْمَتِهِ، فَصارَ كُلُّ ما خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَ دَلِيلًا عَلَيْهِ وَ إِنْ كانَ خَلْقاً صامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ ناطِقَةٌ، وَ دَلالَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قائِمَةٌ.
وَ أشْهَدُ أَنَّ مَن شَبَّهَكَ بِتَبايُنِ أَعْضاءِ خَلْقِكَ، وَ تَلاحُمِ حِقاقِ مَفاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلى مَعْرِفَتِكَ، وَ لَمْ يُباشِرْ قَلْبُهُ الْيَقِينَ بِأَنَّهُ لا نِدَّ لَكَ ،وَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّأَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ إِذْ يَقُولُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِى ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبّ الْعالَمِينَ كَذَبَ الْعادِلُونَ بِكَ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنامِهِمْ، وَ نَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهامِهِمْ، وَ جَزَّأُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّماتِ بِخَواطِرِهِمْ، وَ قَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوى بِقَرائِحِ عُقُولِهِمْ .وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَن ساواكَ بِشَىْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ، وَ الْعادِلُ بِكَ كافِرٌ بِما تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَماتُ اياتِكَ، وَ نَطَقَتْ عَنْهُ شَواهِدُ حُجَجِ بَيِّناتِكَ، و أَنَّكَ أَنتَ اللَّهُ الَّذِى لَمْ تَتَناهَ فى الْعُقُولِ فَتَكُونَ فِى مَهَبِّ فِكْرِها مُكَيَّفاً، وَ لا فِى رَوِيَّاتِ خَواطِرِها مَحْدُوداً مُصَرَّفاً.
مِنْها: قَدَّرَ ما خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ، وَ دَبَّرَهُ فَالْطَفَ تَدْبِيرَهُ، وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنزِلَتِهِ، وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الْإِنتِهاءِ إِلى غايَتِهِ، وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِىِّ عَلى إِرادَتِهِ، وَ كَيْفَ وَ إِنَّما صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيَّتِهِ الْمُنشِئُ أَصْنافَ الْأَشْياءِ بِلا رَوِيَّةِ فِكْرٍ الَ إِلَيْها، وَ لا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْها، وَ لا تَجْرِبَةٍ أَفادَها مِنْ حَوادِثِ الدُّهُورِ، وَ لا شَرِيكٍ أَعانَهُ عَلَى ابْتِداعِ عَجائِبِ الْأُمُورِ. فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ، وَ أَذْعَنَ لِطاعَتِهِ، وَ أَجابَ إِلى دَعْوَتِهِ، لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِىءِ، وَ لا أَناةُ الْمُتَلَكِّىءِ، فَأَقامَ مِنَ الْأَشْياءِ أَوَدَها، وَ نَهَجَ حُدُودَها، وَ لاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضادِّها، وَ وَصَلَ أَسْبابَ قَرائِنِها، وَ فَرَّقَها أَجْناساً مُخْتَلِفاتٍ فِى الْحُدُودِ وَ الاَقْدارِ وَ الْغَرائِزِ وَ الْهَيْئاتِ، بَدايا خَلائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَها وَ فَطَرَها عَلى ما أَرادَ وَ ابْتَدَعَها.
وَ مِنْها فِى صِفَةِ السَّماءِ: وَ نَظَمَ بِلا تَعْلِيقٍ رَهَواتِ فُرَجِها، وَ لاحَمَ صُدُوعَ انْفِراجِها، وَ وَشَّجَ بَيْنَها وَ بَيْنَ أَزْواجِها، وَ ذَلَّلَ لِلْهابِطِينَ بِأَمْرِهِ وَ الصَّاعِدِينَ بِأَعْمالِ خَلْقِهِ حُزُونَةَ مِعْراجِها، وَ ناداها بَعْدَ إِذْ هِىَ دُخانٌ، فَالْتَحَمَتْ عُرى أَشْراجِها، وَ فَتَقَ بَعْدَ الْإِرْتِتاقِ صَوامِتَ أَبْوابِها، وَ أَقامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّواقِبِ عَلى نِقابِها، وَ أَمْسَكَها مِنْ أَنْ تَمُورَ فِى خَرْقِ الْهَواءِ بِأَيْدِهِ، وَ أَمَرَها أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لِأَمرِهِ، وَ جَعَلَ شَمْسَها ايَةً مُبْصِرَةً لِنَهارِها، وَ قَمَرَها ايَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِها. وَ أَجْراهُما فِى مَناقِلِ مَجْراهُما، وَ قَدَّرَ مَسِيْرَهُما فى مَدارِجِ دَرَجِهِما، لِيُمَيَّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ بِهِما، وَ لِيُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِينَ وَ الْحِسابُ بِمَقادِيرِهِما، ثُمَّ عَلَّقَ فى جَوِّها فَلَكَها، وَ ناطَ بِها زِينَتَها مِنْ خَفِيَّاتِ دَرارِيِّها وَ مَصابِيحِ كَواكِبِها، وَ رَمى مُسْتَرِقِى السَّمْعِ بِثَواقِبِ شُهُبِها، وَ أَجْراها عَلى إِذْلالِ تَسْخِيرِها، مِنْ ثَباتِ ثابِتِها، وَ مَسِيرِ سائِرِها، وَ هُبُوطِها وَ صُعُودِها، وَ نُحُوسِها وَ سُعُودِها.
وَ مِنْها فِى صِفَةِ الْمَلائكَةِ: ثُمَّ خَلَقَ سُبْحانَهُ لِإِسْكانِ سَمواتِهِ، وَ عِمارَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلى مِنْ مَلَكُوتِهِ خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ، مَلائِكَتِهِ، وَ مَلَأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجاجِها، وَ حَشا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوائِها، وَ بَيْنَ فَجَواتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ الْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِى حَظآئِرِ الْقُدْسِ، وَ سُتُراتِ الْحُجُبِ، وَ سُرادِقاتِ الْمَجْدِ، وَ وَراءَ ذلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِى تَسْتَكّ مَنْهُ الْأَسْماعُ سُبُحاتُ نُورٍ تَرْدَعُ الْأَبْصارَ عَنْ بُلُوغِها، فَتَقِفُ خاسِئَةً عَلى حُدُودِها، أَنْشَأَهُمْ عَلى صُوَرٍ مُخْتَلِفاتٍ وَ أَقْدارٍ مُتَفاوِتاتٍ أُولِى أَجْنِحَةٍ، تُسَبِّحُ جَلالَ عِزَّتِهِ، لا يَنتَحِلُونَ ما ظَهَرَ فِى الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ، وَ لا يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمّا انفَرَدَ بِهِ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ جَعَلَهُمْ فِيما هُنالِكَ أَهْلَ الْأَمانَةِ عَلى وَحْيِهِ، وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى الْمُرْسَلِينَ وَدائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهاتِ. فَما مِنْهُمْ زآئِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضاتِهِ، وَ أَمَدَّهُمْ بِفَوائِدِ الْمَعُونَةِ، وَ أَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَواضُعَ إِخْباتِ السَّكِينَةِ، وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْواباً ذُلُلًا إِلى تَماجِيدِهِ، وَ نَصَبَ لَهُمْ مَناراً واضِحَةً عَلى أَعْلامِ تَوْحِيدِهِ، لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِراتُ الآثامِ، وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّيالى وَ الْأَيَّامِ، وَ لَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوازِعِها عَزِيمَةَ إِيمانِهِمْ، وَ لَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلى مَعاقِدِ يَقِينِهِمْ، وَ لا قَدَحَتْ قادِحَةُ الْإِحَنِ فِيما بَيْنَهُمْ. وَ لا سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ ما لاقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمائِرِهِمْ، وَ سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَ هَيْبَةِ جَلالَتِهِ فِى أَثْناءِ صُدُورِهِمْ، وَ لَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ الْوَساوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِها عَلى فِكْرِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِى خَلْق الْغَمامِ الدُّلَّحِ، وَ فِى عِظَمِ الْجِبالِ الشُّمَّخِ، وَ فِى قَتُرَةِ الظَّلامِ الْأَيْهَمِ، وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدامُهُمْ تُخُومَ الْأَرْضِ السُّفْلى، فَهِىَ كَراياتٍ بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِى مَخارِقِ الْهَواءِ، وَ تَحْتَها رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُها عَلى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَناهِيَةِ. قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغالُ عِبادَتِهِ، وَ وَسَّلَتْ حَقائِقُ الْإِيمانِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، وَ قَطَعَهُمُ الْإِيقانُ بِهِ إِلَى الْوَلَهِ إِلَيْهِ، وَ لَمْ تُجاوِزْ رَغَباتُهُمْ ما عِندَهُ إِلى ما عِندَ غَيْرِهِ، قَدْ ذاقُوا حَلاوَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَ شِرِبُوا بِالْكَاْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْداءِ قُلُوبِهِمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ، فَحَنَوْا بِطُولِ الطّاعَةِ اعْتِدالَ ظُهُورِهِمْ، وَ لَم يُنفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَ لا أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ، وَ لَمْ يَتَوَلَّهُمُ الْإِعْجابُ فَيَسْتَكْثِرُوا ما سَلَفَ مِنْهُمْ، وَ لا تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكانَةُ الْإِجْلالِ نَصِيباً فِى تَعْظِيمِ، حَسَناتِهِمْ، وَ لَمْ تَجْرِ الْفَتَراتُ فِيهِمْ عَلى طُولِ دُؤُوبِهِمْ، وَ لَمْ تَغِضْ رَغَباتُهُمْ فَيُخالِفُوا عَنْ رَجاءِ رَبِّهِمْ، وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُناجاةِ أَسَلاتُ أَلْسِنَتِهِمْ، وَ لا مَلَكَتْهُمُ الْأَشْغالُ فَتَنقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤارِ إِلَيْهِ أَصْواتُهُمْ، وَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِى مَقاوِمِ الطَّاعَةِ مَناكِبُهُمْ، وَ لَمْ يَثْنُوا إِلى راحَةِ التَّقْصِيرِ فِى أَمْرِهِ رِقابَهُمْ، وَ لا تَعْدُو عَلى عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلادَةُ الْغَفَلاتِ، وَ لا تَنتَضِلُ فِى هِمَمِهِمْ خَدائِعُ الشَّهَواتِ. قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ، وَ يَمَّمُوهُ عِندَ انقِطاعِ الْخَلْق إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ، لا يَقْطَعُونَ أَمَدَ غايَةِ عِبادَتِهِ، وَ لا يَرْجِعُ بِهِمُ الْاِسْتِهْتارُ بِلُزُومِ طاعَتِهِ، إِلَّا إِلى مَوادَّ مِن قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنقَطِعَةٍ مِنْ رَجائِهِ وَ مَخافَتِهِ، لَمْ تَنقَطِعْ أَسْبابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ فَيَنُوا فِى جِدِّهِمْ، وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ الْأَطْماعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْىِ عَلَى اجْتِهادِهِم، وَ لَمْ يَسْتَعْظِمُوا ما مَضى مِنْ أَعْمالِهِمْ. وَ لَوِ اسْتَعْظَمُوا ذلِكَ لَنَسَخَ الرَّجاءُ مِنْهُمْ شَفَقاتِ وَجَلِهِمْ، وَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِى رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّيْطانِ عَلَيْهِمْ، وَ لَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقاطُعِ، وَ لا تَوَلَّاهُمْ غِلّ التَّحاسُدِ، وَ لا شَعَّبَتْهُمْ مَصارِفُ الرَّيْبِ، وَ لَا اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيافُ الْهِمَمِ، فَهُمْ أُسَراءُ إِيمانٍ، لَمْ يَفُكَّهُم مِنْ رِبْقَتِهِ زَيْغٌ وَ لا عُدُولٌ، وَ لا وَنىً وَ لا فُتُورٌ، وَ لَيْسَ فِى أَطْباقِ السَّماءِ مَوْضِعُ إِهابٍ إِلَّا وَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ساجِدٌ، أَوْ ساعٍ حافِدٌ، يَزْدادُونَ عَلى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً، وَ تَزْدادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِى قُلُوبِهِمْ عِظَماً.
وَ مِنْها فِى صِفَةِ الْأَرْضِ وَ دَحْوِها عَلَى الْماءِ: كَبَسَ الْأَرْضَ عَلى مَوْرِ أَمْواجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ، وَ لُجَجِ بِحارٍ زاخِرَةٍ، تَلْتَطِمُ أَواذِىّ أَمْواجِها، وَ تَصْطَفِقُ مُتَقاذِفاتُ أَثْباجِها وَ تَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِندَ هِياجِها، فَخَضَعَ جِماحُ الْماءِ الْمُتَلاطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِها، وَ سَكَنَ هَيْجُ ارْتِمائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِها، وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمَعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَواهِلِها، فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخابِ أَمْواجِهِ ساجِياً مَقْهُوراً، وَ فِى حَكَمَةِ الذُّلِّ مُنقاداً أَسِيراً، وَ سَكَنَتِ الْأَرْضُ مَدْحُوَّةً فِى لُجَّةِ تَيَّارِهِ، وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأوِهِ وَ اعْتِلائِهِ، وَ شُمُوخِ أَنْفِه وَ سُمُوِّ غُلَوائِهِ وَ كَعَمَتْهُ عَلى كِظَّةِ جِرْيَتِهِ، فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقاتِهِ، وَ لَبَدَ بَعْدَ زَيَفانِ وَ ثَباتِهِ. فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْماءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنافِها، وَ حَمَلَ شَواهِقَ الْجِبالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ عَلى أَكْتافِها. فَجَّرَ يَنابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرانِينِ أُنُوفِها، وَ فَرَّقَها فِى سُهُوبِ بِيدِها وَ أَخادِيدِها، وَ عَدَّلَ حَرَكاتِها بِالرَّاسِياتِ مِنْ جَلامِيدِها، وَ ذَواتِ الشَّناخِيبِ الشُّمِّ مِنْ صَياخِيدِها، فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَيَدانِ بِرُسُوبِ الْجِبالِ فِى قِطَعِ أَدِيمِها، وَ تَغَلْغُلِها مُتَسَرِّبَةً فِى جَوْباتِ خَياشِيمِها، وَ رُكُوبِها أَعْناقَ سُهُولِ الْأَرَضِينَ وَ جَراثِيمِها، وَ فَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وَ بَيْنَها، وَ اَعَدَّ الْهَواءَ مُتَنَسَّماً لِساكِنِها، وَ أَخْرَجَ إِلَيْها أَهْلَها عَلى تَمامِ مَرافِقِها. ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الاَرْضِ الَّتى تَقْصُرُ مِياهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوابِيها، وَ لا تَجِدُ جَداوِلُ الاَنْهارِ ذَرِيعَةً إِلى بُلُوغِها، حَتّى أَنْشَاءَ لَها ناشِئَةَ سَحابٍ تُحْيِى مَواتَها، وَ تَسْتَخْرِجُ نَباتَها، أَلَّفَ غَمامَها بَعْدَ افْتِراقِ لُمَعِهِ، وَ تَبايُنِ قَزَعِهِ، حَتّى إِذا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فِيهِ، وَ الْتَمَعَ بَرْقُهُ فى كِفَفِه، وَ لَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فى كَنَهْوَرِ رَبابِهِ، وَ مُتَراكِمِ سَحابِهِ أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدارِكاً، قَدْ أَسَفّ هَيْدَبُهُ تَمْرِيهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ أَهاضِيبِهِ، وَ دُفَعَ شَأبِيبِهِ. فَلَمّا أَلْقَتِ السَّحابُ بَرْكَ بَوانِيها، وَ بَعاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْمَحْمُولِ عَلَيْها، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوامِدِ الْأَرْضِ النَّباتَ، وَ مِنْ زُعْرِ الْجِبالِ الْأَعْشابَ فَهِىَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِياضِها، وَ تَزْدَهِى بِما أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ أَزاهِيرِها، وَ حِلْيَةِ ما سُمِّطَتْ بِهِ مِنْ ناضِرِ أَنوارِها، وَ جَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلْأَنامِ، وَ رِزْقاً لِلاَنْعامِ، وَ خَرَقَ الْفِجاجَ فِى افاقِها، وَ أَقامَ الْمَنارَ لِلسَّالِكِينَ عَلى جَوادِّ طُرُقِها.
فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ، وَ أَنفَذَ أَمْرَهُ، اخْتارَ ادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ، وَ جَعَلَهُ أَوَّلَ جِبِلَّتِهِ، وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَ أَرْغَدَ فِيها أُكُلَهُ، وَ أَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيما نَهاهُ عَنْهُ، وَ أَعْلَمَهُ أَنَّ فى الْإِقدامِ عَلَيْهِ التَّعَرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ، وَ الْمُخاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ، فَأَقْدَمَ عَلى ما نَهاهُ عَنْهُ مُوافاةً لِسابِقِ عِلْمِهِ، فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ، وَ لِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بِهِ عَلى عِبادِهِ، وَ لَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهِ، وَ يَصِلُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، بَلْ تَعاهَدَهُمْ بِالْحُجَجِ عَلى أَلْسُنِ الْخِيرَةِ مِنْ أَنبِيائِهِ، وَ مُتَحَمِّلِى وَ دآئِعِ رِسالاتِهِ قَرْناً فَقَرْناً حَتّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ حُجَّتُهُ، وَ بَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذُرُهُ وَ نُذُرُهُ، وَ قَدَّرَ الْأَرْزاقَ فَكَثَّرَها وَ قَلَّلَها، وَ قَسَّمَها عَلَى الضِّيقِ وَ السَّعَةِ، فَعَدَلَ فِيها لِيَبْتَلِىَ مَنْ أَرادَ بِمَيْسُورِها وَ مَعْسُورِها، وَ لِيَخْتَبِرَ بَذلِكَ الشُّكْرَ وَ الصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّها وَ فَقِيرِها. ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِها عَقابِيلَ فاقَتِها، وَ بِسَلامَتِها طَوارِقَ افاتِها، وَ بِفُرَجِ أَفْراحِها غُصَصَ أَتْراحِها، وَ خَلَقَ الاجالَ فَأَطالَها وَ قَصَّرَها، وَ قَدَّمَها وَ أَخَّرَها، وَ وَصَلَ بِالْمَوْتِ أَسْبابَها، وَ جَعَلَهُ خالِجاً لِأَشْطانِها، وَ قاطِعاً لِمَرائِرِ أَقْرانِها.
عالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمائِرِ الْمُضْمِرِينَ، وَ نَجْوَى الْمُتَخافِتِينَ، وَ خَواطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَ عُقَدِ عَزِيماتِ الْيَقينِ، وَ مَسارِقِ إِيماضِ الْجُفُونِ، وَ ما ضَمِنَتْهُ أَكْنانُ الْقُلُوبِ، وَ غَياباتُ الْغُيُوبِ، وَ ما أَصْغَتْ لِاسْتِراقِهِ مَصائِخُ الْأَسْماع، وَ مَصائِفِ الذَّرِّ، وَ مَشاتِى الْهَوامِّ، وَ رَجْعِ الْحَنِينِ مِنَ الْمُوَلَّهاتِ وَ هَمْسِ الْأَقْدامِ، وَ مُنفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِنْ وَلائِجِ غُلُفِ الْأَكْمامِ، وَ مُنَقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِيرانِ الْجِبالِ وَ أَوْدِيَتِها، وَ مُخْتَبَإِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ الْأَشْجارِ وَ أَلْحِيَتِها، وَ مَغْرِزِ الْأَوْراقِ مِنَ الْأَفْنانِ، وَ مَحَطِّ الْأَمْشاجِ مِنْ مَسارِبِ الْأَصْلابِ، وَ ناشِئَةِ الْغُيُومِ وَ مُتَلاحِمِها، وَ دُرُورِ قَطْرِ السَّحابِ فِى مُتراكِمِها، وَ ما تَسْفِى الْأَعاصِيرُ بِذُيُولِها، وَ تَعْفُو الْأَمْطارُ بِسُيُولِها، وَ عَوْمِ نَباتِ الْأَرْضِ فى كُثْبانِ الرِّمالِ، وَ مُسْتَقَرِّ ذَواتِ الْأَجْنِحَةِ بِذُرى شَناخِيبِ الْجِبالِ، وَ تَغْرِيدِ ذَواتِ الْمَنْطِقِ فِى دَياجِيرِ الْأَوْكارِ، وَ مآ أَوْعَبَتْهُ الْأَصْدافُ وَ حَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْواجُ الْبِحارِ، وَ ما غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْلٍ أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شارِقُ نَهارٍ، وَ مَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْباقُ الدَّياجِيرِ، وَ سُبُحاتُ النُّورِ، وَ أَثَرِ كُلِّ خَطْوَةٍ، وَ حِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ، وَ رَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ، وَ تَحْرِيكِ كُلِّ شَفَةٍ، وَ مُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ، وَ مِثْقالِ كُلِّ ذَرَّةٍ، وَ هَماهِمِ كُلِّ نَفْسٍ هامَّةٍ، وَ ما عَلَيْها مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ، أَوْ ساقِطِ وَرَقَةٍ، أَوْ قَرارَةِ نُطْفَةٍ، أَوْ نُقاعَةٍ دَمٍ وَ مُضْغَةٍ، أَوْ ناشِئَةِ خَلْقٍ وَ سُلالَةٍ، لَمْ تَلْحَقْةُ فِى ذلِكَ كُلْفَةٌ، وَ لَا اعْتَرَضَتْهُ فِى حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عارِضَةٌ، وَ لَا اعْتَوَرَتْهُ فى تَنفِيذِ الْأُمُورِ وَ تَدابِيرِ الْمَخلُوقِينَ مَلالَةٌ وَ لا فَتْرَةٌ، بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ، و أَحْصاهُمْ عَدَدَهُ، وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ، وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ ما هُوَ أَهْلُهُ.
اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوصْفِ الْجَمِيلِ، وَ التَّعْدادِ الْكَثِيرِ، إِن تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ، وَ إِنْ تُرْجَ فَأَكْرَمُ مَرْجُوٍّ. اللَّهُمَّ وَ قَدْ بَسَطْتَ لِى فِيما لا أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ، وَ لا أُثْنِى بِهِ عَلى أَحَدٍ سِواكَ، وَ لا أُوَجِّهُهُ إِلى مَعادِنِ الْخَيْبَةِ وَ مَواضِعِ الرِّيْبَةِ، وَ عَدَلْتَ بِلِسانِى عَنْ مَدائِح الادَمِيِّينَ وَ الثَّناءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ الْمَخْلوقِينَ. اللَّهُمَّ وَ لِكُلِّ مُثْنٍ عَلى مَنْ أَثْنى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزاءٍ أَوْ عارِفَةٌ مِنْ عَطاءٍ، وَ قَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلًا عَلى ذَخائِرِ الرَّحْمَةِ وَ كُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ. اللَّهُمَّ وَ هذا مَقامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحيِدِ الَّذِى هُوَ لَكَ، وَ لَمْ يَرَ مُسْتَحِقّاً لِهذِهِ الْمَحامِدِ وَ الْمَمادِحِ غَيْرَكَ، وَ بِى فاقَةٌ إِلَيْكَ لا يَجْبُرُ مَسْكَنَتَها إِلّاَ فَضْلُكَ وَ لا يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِها إِلّاَ مَنُّكَ وَ جُودُكَ، فَهَبْ لَنا فِى هذَا الْمَقامِ رِضاكَ، وَ أَغْنِنا عَنْ مَدِّ الْأَيْدِى إِلى سِواكَ، إِنَّكَ عَلى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
خطبه اشباح
(خطبه اشباح)
(مسعده بن صدقه از امام صادق (ع) نقل كرد، روزى در مسجد كوفه شخصى به على (ع) گفت خدا را آنگونه توصيف كن كه گويا با چشم سر او را ديدهايم، امام به خطابه برخاست، مسجد پر از مردم شد، در حالى كه خشمناك بود و رنگ صورت امام تغيير كرده بود فرمود)
خداشناسى
ستايش خدايى را كه نبخشيدن بر مال او نيفزايد، و بخشش او را فقير نسازد، زيرا هر بخشندهاى جز او، اموالش كاهش يابد، و جز او هر كس از بخشش دست كشد مورد نكوهش قرار گيرد، اوست بخشنده انواع نعمتها و بهرههاى فزاينده و تقسيمكننده روزى پديدهها، مخلوقات همه جيرهخوار سفره اويند، كه روزى همه را تضمين، و اندازهاش را تعيين فرمود، به مشتاقان خويش و خواستاران آنچه در نزد اوست راه و روشن را نشان داد، سخاوت او در آنجا كه از او بخواهند، از آنجا كه از او درخواست نكنند، بيشتر نيست. خدا اولى است كه آغاز ندارد، تا بيش از او چيزى بوده باشد، و آخرى است كه پايان ندارد تا چيزى پس از او وجود داشته باشد، مردمك چشمها را از مشاهده خود باز داشته است، زمان بر او نمىگذرد تا دچار دگرگونى گردد، و در مكانى قرار ندارد تا پندار جابجايى نسبت به او روا باشد. اگر آنچه از درون معادن كوهها بيرون مىآيد، و يا آنچه از لبان پر از خنده صدفهاى دريا خارج مىشود، از نقرههاى خالص، و طلاهاى ناب، درهاى غلطان، و مرجانهاى دستچپن، همه را ببخشد، در سخاوت او كمتر اثرى نخواهد گذاشت، و گستردگى نعمتهايش را پايان نخواهد داد، در پيش او آنقدر از نعمتها وجود دارد كه هر چه انسانها درخواست كنند تمامى نپذيرد، چون او بخشندهاى است كه درخواست نيازمندان چشمه جود او را نمىخشكاند، و اصرار و درخواستهاى پياپى او را به بخل ورزيدن نمىكشاند.
صفات خدا در قرآن
اى پرسشكننده، درست بنگر، آنچه را كه قرآن از صفات خدا بيان مىدارد، به آن اعتماد كن، و از نور هدايتش بهره گير، و آنچه را كه شيطان تو را به دانستن آن واميدارد، كه كتاب خدا آن را بر تو واجب نكرده، و در سنت پيامبر (ص) و امامان هدايتگر (ع) نيامده، رها كن و علم آن را به خدا واگذار، كه اين نهايت حق پروردگار بر تو است. بدان، آنها كه در علم دين استوارند، خدا آنها را از فرو رفتن در آنچه كه بر آنها پوشيده است و تفسير آن را نمىدانند، و از فرو رفتن در اسرار نهان بىنياز ساخته است، و آنان را از اين رو كه به عجز و ناتوانى خود در برابر غيب و آنچه كه تفسير آن را نمىدانند اعتراف مىكنند، ستايش فرمود، و ترك ژرفنگرى آنان در آنچه كه خدا بر آنان واجب نساخته را راسخ بودن در علم شناسانده است. پس به همين مقدار بسنده كن! و خدا را با ميزان عقل خود ارزيابى مكن، تا از تباهشدگان نباشى. اوست خداى توانايى كه اگر وهم و خيال انسانها بخواهد براى درك اندازه قدرتش تلاش كند، و افكار بلند و دور از وسوسههاى دانشمندان، بخواهد ژرفاى غيب ملكوتش را درنوردد، و قلبهاى سراسر عشق مشتاقان، براى درك كيفيت صفات او كوشش نمايد، و عقلها با تلاش وصفناپذير از راههاى بسيار ظريف و باريك بخواهند ذات او را درك كنند، دست قدرت بر سينه همه نواخته باز گرداند، در حالى كه در تاريكيهاى غيب براى رهايى خود به خداى سبحان پناه مىبرند، و با نااميدى، و اعتراف به عجز از معرفت ذات خدا، باز مىگردند، كه با فكر و عقل نارساى بشرى نمىتوان او را درك كرد، و اندازه جلال و عزت او در قلب انديشمندان راه نمىيابد. خدايى كه پديدها را از هيچ آفريد، نمونهاى در آفرينش نداشت تا از آن استفاده كند، و يا نقشهاى از آفرينندهاى پيش از خود، كه از آن در آفريدن موجودات بهره گيرد و نمونههاى فراوان از ملكوت قدرت خويش، و شگفتيهاى آثار رحمت خود، كه همه با زبان گويا به وجود پروردگار گواهى مىدهند، به ما نشان داده كه بىاختيار به معرفت و شناخت خود دعوت مىفرمايد. در آنچه آفريده آثار صنعت و نشانههاى حكمت او پديدار است، كه هر يك از پديدهها حجت و برهانى بر وجود او مىباشند. گرچه برخى مخلوقات، به ظاهر ساكت ولى بر تدبير خداوندى گويا، و نشانههاى روشنى بر قدرت و حكمت اويند! خداوندا! گواهى مىدهم، آن كس كه تو را به اعضاى گوناگون پديدهها و مفاصل به هم پيوسته كه به فرمان حكيمانه تو در لابلاى عضلات پديد آمده، تشبيه مىكند، هرگز در ژرفاى ضمير خود تو را نشناخته، و قلب او با يقين انس نگرفته است، و نمىداند كه هرگز براى تو همانندى نيست و گويا بيزارى پيروان گمراه از رهبران فاسد خود را نشنيدهاند كه مىگويند: (به خدا سوگند ما در گمراهى آشكار بوديم كه شما را با خداى جهانيان مساوى پنداشتيم) دروغ گفتند مشركان كه تو را بابتهاى خود همانند پنداشتند، و با وهم و خيال خود گفتند، پيكرى چون بتهاى ما دارد، و با پندار نادرست تو را تجزيه كرده، و با اعضا گوناگون مخلوقات تشبيه نمودند خدايا! گواهى مىدهم آنان كه تو را با چيزى از آفريدههاى تو مساوى شمارند از تو روى برتافته، و آنكه از تو روىگردان شود بر اساس آيات محكم قرآن، و شهادت براهين روشن تو، كافر است. تو همان خداى نامحدود هستى كه در انديشهها نگنجى تا چگونگى ذات تو را درك نمايند، و در خيال و وهم نيايى تا تو را محدود و داراى حالات گوناگون پندارند.
وصف پروردگار در آفرينش موجودات گوناگون
آنچه را آفريد با اندازهگيرى دقيقى استوار نمود، و با لطف و مهربانى نظمشان داد، و به خوبى تدبير كرد، هر پديده را براى همان جهت كه آفريده شد به حركت درآورد، چنانكه نه از حد و مرز خويش تجاوز كند و نه در رسيدن به مراحل رشد خود كوتاهى نمايد، و اين حركت حسابشده را بدون دشوارى به سامان رساند تا بر اساس اراده الهى زندگى كند، پس چگونه ممكن است سرپيچى كند؟ در حالى كه همه موجودات از اراده خدا سرچشمه مىگيرد، خدايى كه پديدآورنده موجودات گوناگون است، بدون احتياج به انديشه و فكرى كه به آن روى آورد، يا غريزهاى كه در درون پنهان داشته باشد. او بدون تجربه از حوادث گذشته، و بدون شريكى كه در ايجاد امور شگفتانگيز ياريش كند، موجودات را آفريد، پس آفرينش آن كامل گشت و به عبادت و اطاعت پروردگارش پرداخت دعوت او را پذيرفت و در برابر فرمان الهى سستى و درنگ نكرد و در اجراى فرمان الهى توقف نپذيرفت پس كجيهاى هر چيزى را راست، و مرزهاى هر يك را روشن ساخت، و با قدرت خداوندى بين اشياء متضاد هماهنگى ايجاد كرد، و وسايل ارتباط آنان را فراهم ساخت، و موجودات را از نظر حدود، اندازه، و غرائز، و شكلها، و قالبها، و هيئتهاى گوناگون، تقسيم و استوار فرمود، و با حكمت و تدبير خويش هر يكى را به سرشتى كه خود خواست درآورد.
چگونگى آفرينش آسمانها
فضاى باز و پستى و بلندى و فاصلههاى وسيع آسمانها را بدون اينكه به چيزى تكيه كند، نظام بخشيد، و شكافهاى آن را به هم آورد، و هر يك را با آنچه كه تناسب داشت و جفت بود پيوند داد، و دشوارى فرود آمدن و برخاستن را آسان كرد، بر فرشتگانى كه فرمان او را به خلق رسانند يا اعمال بندگان را بالا برند. در حالى كه آسمان به صورت دود و بخار بود به آن فرمان داد، پس رابطههاى آن را برقرار ساخت، سپس آنها را از هم جدا نمود و بين آنها فاصله انداخت، و بر هر راهى و شكافى از آسمان، نگهبانى از شهابهاى روشن گماشت، و با دست قدرت آنها را از حركت ناموزون در فضا نگهداشت، و دستور فرمود تا برابر فرمانش تسليم باشند و آفتاب را نشانه روشنىبخش روز، و ماه را، با نورى كمرنگ براى تاريكى شبها قرار داد، و آن دو را در مسير حركت خويش به حركت درآورد، و حركت آن دو را دقيق اندازهگيرى نمود تا در درجات تعيينشده حركت كنند كه بين شب و روز تفاوت باشد، و قابل تشخيص شود، و با رفت و آمد آنها شماره سالها، و اندازهگيرى زمان ممكن باشد، پس در فضاى هر آسمان فلك آن را آفريد، و زينتى از گوهرهاى تابنده و ستارگان درخشنده بياراست، و آنان را كه خواستند اسرار آسمانها را دزدانه دريابند، با شهابهاى سوزان تيرباران كرد، و تمامى ستارگان از ثابت و استوار، و گردنده و بىقرار، فرودآينده و بالارونده، و نگرانكننده و شادىآفرين را، تسليم اوامر خود فرمود.
ويژگيهاى فرشتگان
سپس، خداوند سبحان براى سكونت بخشيدن در آسمانها، و آباد ساختن بالاترين قسمت از ملكوت خويش، فرشتگانى شگفت آفريد، و تمام شكافها و راههاى گشاده آسمانها را با فرشتگان پر كرد، و فاصله جو آسمان را از آنها گستراند، كه هماكنون صداى تسبيح آنها فضاى آسمانها را پر كرده، در بارگاه قدس، درون پردههاى حجاب، صحنههاى مجد و عظمت پروردگار، طنينانداز است در ماوراى آنها زلزلههايى است كه گوشها را كر مىكند و شعاعهاى خيرهكننده نور، كه چشمها را از ديدن باز مىدارد، و ناچار خيره بر جاى خويش مىماند. خدا فرشتگانى را در صورتهاى مختلف و اندازههاى گوناگون آفريد، و بال و پرهايى براى آنها قرار داد، آنها كه همواره در تسبيح جلال و عزت پروردگار بسر مىبرند. و چيزى از شگفتيهاى آفرينش پديدهها را به خود نسبت نمىدهند و در آنچه از آفرينش پديدهها كه خاص خداست، ادعايى ندارند. (بلكه بندگانى بزرگوارند، كه در سخن گفتن از او پيشى نمىگيرند و به فرمان الهى عمل مىكنند) خدا فرشتگان را امين وحى خود قرار داده، و براى رساندن پيمان امر و نهى خود به پيامبران، از آنها استفاده كرد، و روانه زمين نمود، آنها را از ترديد شبهات مصونيت بخشيد، كه هيچكدام از فرشتگان از راه رضاى حق منحرف نمىگردند. آنها را از يارى خويش بهرمند ساخت، و دلهايشان را در پوششى از تواضع و فروتنى و خشوع و آرامش درآورد، درهاى آسمان را بر رويشان گشود تا خدا را به بزرگى بستايند، و براى آنها نشانههاى روشن قرار داد تا به توحيد او بال گشايند سنگينيهاى گناهان هرگز آنها را در انجام وظيفه دلسرد نساخت، و گذشت شب و روز آنها را به سوى مرگ سوق نداد، تيرهاى شك و ترديد خلل در ايمانشان ايجاد نكرد، و شك و گمان در پايگاه يقين آنها راه نيافت، و آتش كينه در دلهايشان شعلهور نگرديد، حيرت و سرگردانى آنها را از ايمانى كه دارند و آنچه از هيبت و جلال خداوندى كه در دل نهادند جدا نساخت، وسوسهها در آنها راه نيافته، تا شك و ترديد بر آنها تسلط يابد.
اقسام فرشتگان
گروهى از فرشتگان در آفرينش ابرهاى پرآب، و در آفرينش كوههاى عظيم و سربلند، و خلقت ظلمت و تاريكيها نقش دارند، و گروهى ديگر، قدمهايشان تا ژرفاى زمين پايين رفته، و چونان پرچمهاى سفيدى دل فضا را شكافتهاند، و در زير آن بادهايى است كه به نرمى حركت كرده و در مرزهاى مشخصى نگاهش مىدارد.
صفات والاى فرشتگان
اشتغال به عبادت پروردگار، فرشتگان را از ديگر كارها باز داشته، و حقيقت ايمان ميان آنها و معرفت حق، پيوند لازم ايجاد كرد، نعمت يقين آنها را شيداى حق گردانيد كه به غير خدا هيچ علاقهاى ندارند، شيرينى معرفت خدا را چشيده و از جام محبت پروردگار سيراب شدند، ترس و خوف الهى در ژرفاى جان فرشتگان راه يافته، و از فراوانى عبادت قامتشان خميده و شوق و رغبت فراوان، از زارى و گريهشان نكاسته است. مقام والاى فرشتگان، از خشوع و فروتنى آنان كم نكرد، و غرور و خودبينى دامنگيرشان نگرديد، تا اعمال نيكوى گذشته را شماره كنند، و سهمى از بزرگى و بزرگوارى براى خود تصور نمايند. گذشت زمان آنان را از انجام وظائف پياپى نرنجانده و از شوق و رغبتشان نكاسته تا از پروردگار خويش نااميد گردند، از مناجاتهاى طولانى، خستهنشده، و اشتغال به غير خدا آنها را تحت تسلط خود درنياورده است، و از فرياد استغاثه و زارى آنها فروكش نكرده و در مقام عبادت و نيايش دوش بدوش هم همواره ايستادهاند، راحت طلبى آنها را به كوتاهى در انجام دستوراتش وادار نساخته، و كودنى و غفلت و فراموشى بر تلاش و كوشش و عزم راسخ فرشتگان راه نمىيابد، و فريبهاى شهوت، همتهاى بلندشان را تيرباران نمىكند. فرشتگان، ايمان به خداى صاحب عرش را ذخيره روز بينواى خود قرار داده و آن هنگام كه خلق به غير خدا را پايان نمىدهند، و شوق و علاقه خود را از انجام اوامر الهى و اطاعت پروردگار سست نمىكنند، آنچه آنان را شيفته طاعت خدا كرده بذر محبت است كه در دل مىپرورانند، و هيچگاه دل از بيم و اميد او برنمىدارند، عوامل ترس آنها را از مسئوليت باز نمىدارد تا در انجام وظيفه سستى ورزند، طمعها به آنان شبيخون نزده تا تلاش دنيا را بر كار آخرت مقدم دارند، اعمال گذشته خود را بزرگ نمىشمارند، و اگر بزرگ بشمارند اميدوارند، و اميد بيش از حد نمىگذارد تا از پروردگار ترسى در دل داشته باشند.
پاك بودن فرشتگان از رذايل اخلاقى
فرشتگان درباره پروردگار خويش به جهت وسوسههاى شيطانى اختلاف نكردهاند، و برخوردهاى بد با هم نداشته و راه جدايى نگيرند، كينهها و حسادتها در دلشان راه نداشته و عوامل شك و ترديد و خواهشهاى نفسانى، آنها را از هم جدا نساخته، و افكار گوناگون آنان را به تفرقه نكشانده است. فرشتگان بندگان ايمانند، و طوق بندگى به گردن افكنده و هيچگاه با شك و ترديد و سستى، آن را بر زمين نمىگذارند، در تمام آسمانها جاى پوستين خالى نمىتوان يافت مگر آنكه فرشتهاى به سجده افتاده، يا در كار و تلاش است، طاعت فراوان آنها بر يقين و معرفتشان نسبت به پروردگار مىافزايد، و عزت خداوند عظمت او را در قلبشان بيشتر مىنمايد.
چگونگى آفرينش زمين
زمين را بر موجهاى پرخروش، و درياهاى مواج فرو نشاند، موجهايى كه بالاى آن به هم مىخورد و در تلاطمى سخت هر يك، ديگرى را واپس مىزد، چونان شتران نر مست، فريادكنان و كف بر لب، به هر سوى روان بود سپس قسمتهاى سركش آب از سنگينى زمين فرو نشست و هيجان آنها بر اثر تماس با سينه زمين آرام گرفت. زيرا زمين با پشت بر آن مىغلطيد و آنهمه سر و صداى امواج ساكن و آرامشده، چون اسب افسارشده رام گرديد. خشكيهاى زمين در دل امواج، گسترده، و آب را از كبر و غرور و سركشى و خروش باز داشت، و از شدت حركتش كاسته شد، و بعد از آنهمه حركتهاى تند ساكت شد، و پس از آنهمه خروش و سركشى متكبرانه به جاى خويش ايستاد پس هنگامى كه هيجان آب در اطراف زمين فرو نشست و كوههاى سخت و مرتفع را بر دوش خود حمل نمود، چشمههاى آب از فراز كوهها بيرون آورد و آبها را در شكاف بيابانها و زمينهاى هموار روان كرد، و حركت زمين را با صخرههاى عظيم و قله كوههاى بلند نظم داد، و زمين به جهت نفوذ كوهها در سطح آن، و فرو رفتن ريشه كوهها در شكافهاى آن و سوار شدن بر پشت دشتها و صحراها، از لرزش و اضطراب باز ايستاد.
نقش پديدههاى جوى در زمين
و بين زمين و جو فاصله افكند، و وزش بادها را براى ساكنان آن آماده ساخت، تمام نيازمنديها و وسائل زندگى را براى اهل زمين استخراج و مهيا فرمود، سپس هيچ جا از بلنديهاى زمين را كه آب چشمهها و جدول نهرها به آن راه ندارد وانگذاشت، بلكه ابرهايى را آفريد تا قسمتهاى مرده آن احيا شود، و گياهان رنگارنگ برويند. قطعات بزرگ و پراكنده ابرها را به هم پيوست تا سخت به حركت درآمدند، و با به هم خوردن ابرها، برقها درخشيدن گرفت، اما از درخشندگى ابرهاى سفيد كوهپيكر، و متراكم چيزى كاسته نشد ابرها را پى در پى فرستاد تا زمين را احاطه كردند، و بادها شير باران را از ابرها دوشيدند، و بشدت به زمين فرو ريختند، ابرها پايين آمده سينه بر زمين ساييدند، و آنچه بر پشت داشتند فرو ريختند كه در بخشهاى بىگياه زمين انواع گياهان روييدن گرفت، و در دامن كوهها، سبزهها پديد آمد.
زيباييهاى زمين
پس زمين به وسيله باغهاى زيبا، همگان را به سرور و شادى دعوت كرده، و با لباس نازك گلبرگها كه بر خود پوشيد، هر بينندهاى را به شگفتى وامىدارد. با زينت و زيورى كه از گلوبند گلهاى گوناگون، خود را آراسته، هر بينندهاى را به وجد مىآورد، كه فرآوردههاى نباتى را، توشه و غذاى انسان، و روزى حيوانات قرار داده است، در گوشه و كنار آن درههاى عميق آفريد، و راهها و نشانهها براى آنان كه بخواهند از جادههاى وسيع آن عبور كنند، تعيين كرد.
داستان زندگى آغازين آدم (ع) و اعزام پيامبران (ص)
هنگامى كه خدا زمين را آماده زندگى انسان ساخت و فرمان خود را صادر فرمود، آدم (ع) را از ميان مخلوقاتش برگزيد، و او را نخستين و برترين مخلوق خود در زمين قرار داد، ابتدا آدم را در بهشت جاى داده و خوراكيهاى گوارا بدو بخشيد، و از آنچه كه او را منع كرد پرهيز داد، و آگاهش ساخت كه اقدام بر آن نافرمانى بوده و مقام و ارزش او را به خطر خواهد افكند. اما آدم (ع) از آنچه نهى شد، اقدام كرد و علم خداوند درباره او تحقق يافت، تا آنكه پس از توبه، او را از بهشت به سوى زمين فرستاد، تا با نسل خود زمين را آباد كند، و بدين وسيله حجت را بر بندگان تمام كرد، و پس از وفات آدم (ع) زمين را از حجت خالى نگذاشت و ميان فرزندان آدم (ع) و خود، پيوند شناسايى برقرار فرمود، و قرن به قرن، حجتها و دليلها را بر زبان پيامبران آسمانى برگزيده و حاملان رسالت خويش جارى ساخت، تا اينكه سلسله انبيا توسط پيامبر اسلام، حضرت محمد (ص) به اتمام رسيد و بيان احكام و انذار و بشارت الهى به سرمنزل نهايى راه يافت.
آفرينش امكانات زندگى
روزى انسانها را اندازهگيرى و مقدر فرمود، گاهى كم و زمانى زياد، و به تنگى و وسعت، به گونهاى عادلانه تقسيم كرد تا هر كس را كه بخواهد با تنگى روزى يا وسعت آن بيازمايد، و با شكر و صبر، غنى و فقير را مورد آزمايش قرار دهد. سپس روزى گسترده را با فقر و بيچارگى درآميخت، و تندرستى را با حوادث دردناك پيوند داد، دوران شادى و سرور را با غصه و اندوه نزديك ساخت، اجل و سرآمد زندگى را مشخص كرد، آن را گاهى طولانى و زمانى كوتاه قرار داد، مقدم يا موخر داشت، و براى مرگ، اسباب و وسائلى فراهم ساخت، و با مرگ، رشتههاى زندگى را در هم پيچيد و پيوندهاى خويشاوندى را از هم گسست تا آزمايش گردند.
تعريف علم خداوند
خداوند از اسرار پنهانى مردم، و از نجواى آنان كه آهسته سخن مىگويند، و از آنچه كه در فكرها به واسطه گمان خطور مىكند، و تصميمهايى كه به يقين مىپيوندد، و از نگاههاى رمزى چشم كه از لابلاى پلكها خارج مىگردد، آگاه است، خدا از آنچه در مخفىگاههاى دلها قرار دارد، و از امورى كه پشت پرده غيب پنهان است، و آنچه را كه پردههاى گوش مخفيانه مىشنود، و از اندرون لانههاى تابستانى مورچگان، و خانههاى زمستانى حشرات، از آهنگ اندوهبار زنان غمديده و صداى آهسته قدمها، آگاهى دارد. خداى سبحان! از جايگاه پرورش ميوه در درون پردههاى شكوفهها، و از مخفيگاه غارهاى حيوانات وحشى در دل كوهها، و اعماق درهها، از نهانگاه پشهها بين ساقهها و پوست درختان، از محل پيوستگى برگها به شاخسارها، و از جايگاه به هم آميخته شدن نطفهها در پشت پدران، آگاه است. خدا از آنچه پرده ابر را به وجود مىآورد و به هم مىپيوندد، و از قطرات بارانى كه از ابرهاى متراكم مىبارند، و از آنچه كه گردبادها از روى زمين برمىدارند، و بارانها با سيلاب آن را فرو مىنشانند و نابود مىكنند، از ريشه گياهان زمين كه ميان انبوه شن و ماسه پنهانشده است، از لانه پرندگانى كه در قله بلند كوهها جاى گرفتند، و از نغمههاى مرغان در آشيانههاى تاريك، از لولوهايى كه در دل صدفها پنهان است، و امواج درياهايى كه آنها را در دامن خويش پروراندند آگاهى دارد. خدا از آنچه كه تاريكى شب آن را فرا گرفته، و يا نور خورشيد بر آن تافته، و آنچه تاريكيها و امواج نور، پياپى آن را در بر مىگيرد، از اثر هر قدمى، از احساس هر حركتى، و آهنگ هر سختى، و جنبش هر لبى، و مكان هر موجود زندهاى، و وزن هر ذرهاى، و ناله هر صاحب اندوهى اطلاع دارد خدا هر آنچه از ميوه شاخسار درختان، و برگهايى كه روى زمين ريخته، و از قرارگاه نطفه و بسته شدن خون و جنين كه به شكل پارهاى گوشت است، و پرورشدهنده انسان و نطفه آگاهى دارد. و براى اين همه آگاهى، هيچ گونه زحمت و دشوارى براى او وجود ندارد، و براى نگهدارى اين همه از مخلوقات رنگارنگ كه پديد آورده دچار نگرانى نمىشود، و در تدبير امور مخلوقات، سستى و ملالى در او راه نمىيابد، بلكه علم پروردگار در آنها نفوذ يافته، و همه آنها را شماره كرده است، و عدالتش همه را در بر گرفته و با كوتاهى كردن مخلوقات در ستايش او، باز فضل و كرمش تداوم يافته است.
نيايش اميرالمومنين (ع)
خدايا! تويى سزاوار ستايشهاى نيكو، و بسيار و بىشمار تو را ستودن، اگر تو را آرزو كنند پس بهترين آرزويى، و اگر به تو اميد بندند پس بهترين اميدى. خدايا! درهاى نعمت بر من گشودى كه زبان به مدح غير تو نگشايم، و بر اين نعمتها غير از تو را ستايش نكنم، و زبان را در مدح آنان كه آرزوها را قطع مىكنند و مورد اعتماد نيستند باز نخواهم كرد، خداوندا! هر ثناگويى از سوى ستايششده پاداشى دارد، به تو اميدوارم كه مرا به سوى ذخائر رحمت و گنجهاى آمرزش آشنا كردى. خدايا! اين بنده توست كه تو را يگانه مىخواند، و توحيد و يگانگى تو را سزاست، و جز تو كسى را سزاوار اين ستايشها نمىداند خدايا! مرا به درگاه تو نيازى است كه جز فضل تو جبران نكند، و آن نيازمندى را جز عطا و بخشش تو به توانگرى مبدل نگرداند، پس در اين مقام رضاى خود را به ما عطا فرما، و دست نياز ما را از دامن غير خود كوتاه گردان كه (تو بر هر چيزى توانايى).